icon

البروفيسور أحمد حسن

علوم وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات

مولود :

1976

الجنسیة:

مصر

الأعمال:

التنقيب في مستودعات البرمجيات (MSR)

هندسة البرمجيات المستقبلية
مع تقدم التكنولوجيا الحديثة، أصبح الذكاء الاصطناعي، والتنقيب عن البيانات، وتحليل البيانات الضخمة الركائز الأساسية لتحول البرمجيات. في هذا الإطار، يبرز دور الباحثين المؤثرين مثل أحمد حسن بشكل متزايد. فهو، من خلال دمج مبادئ هندسة البرمجيات، والذكاء الاصطناعي، والتنقيب عن البيانات، يسعى إلى رفع جودة البرمجيات، وزيادة أمان البيانات، والاستفادة المثلى من المعلومات الضخمة في الأنظمة الرقمية. وقد بنى هذا الباحث دراساته حول محور التنقيب في مستودعات البرمجيات (MSR) ويتيح هذا المجال الدراسي تحليل بيانات البرمجيات الموجودة باستخدام خوارزميات متقدمة في تعلم الآلة، مما يساعد مطوري البرمجيات على التعلم من الاتجاهات السابقة واتخاذ قرارات أكثر كفاءة لتطوير أنظمة المستقبل.
في مجرى الأحداث الكبيرة
ولد أحمد حسن في عام 1976 في مصر. أكمل تعليمه حتى المرحلة الثانوية في وطنه، ثم قامت والدته بالهجرة إلى كندا، مما وضعه في بيئة حياة جديدة تماما. كانت والدته مترجمة تلفزيونية في مصر، وفقدت زوجها في ذلك الوقت. كان عليها مواجهة مسؤولية تربية أبنائها بمفردها، بالإضافة إلى التحديات المهنية المحدودة في كندا، لكنها تحملت كل الصعوبات من أجل تقدم ولديها. أتم أحمد دراسته الجامعية في جامعة واترلو، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة ليعمل على مشروع لشركة آي بي إم في سان خوسيه. ونظرا لأن قيادة المشاريع البحثية تتطلب شهادات أعلى من البكالوريوس، عاد أحمد إلى كندا وأكمل دراسته العليا (الماجستير).
من اللعب إلى النمو
في طفولته، انطلقت الشرارة الأولى لمسير أحمد العلمية بفضل عمه وزوجة عمه، اللذين اشتروا له حاسوبا كبيرا وقديما للعب والترفيه، وكان استخدامه يتطلب قراءة دليل المستخدم. أحمد، الذي لم يستخدم نظاما كهذا من قبل، أظهر فضولا كبيرا لفهمه. ونظرا لأن هذه العملية كانت منطقية ومعتمدة على الرياضيات، ومنذ البداية كان مهتما بهذه المادة، غير مساره العلمي من الرياضيات إلى علوم الحاسوب. ومع مرور الوقت وتقدم هذا الباحث في العمر، تعمق اهتمامه بهذا المجال بشكل اكبر. كان تركيز أحمد على تقدم الفراعنة والعالم الإسلامي القديم مقارنة بمستوى التقدم البشري الحالي، دافعا قويا له للمضي قدما. ويرى هذا الباحث أن مصر والعالم الإسلامي يجب أن يعوضا الفجوة التي نشأت ويعودا إلى مكانتهما السابقة.

وجهة للفخر
واصل أحمد حسن مسيرته العلمية والمهنية في مجال الحاسوب وهندسة البرمجيات، وسرعان ما أصبح باحثا بارزا في هذا التخصص. يشغل حاليا منصب أستاذ في جامعة كوينز ومدير مختبر الذكاء الاصطناعي وتحليل البرمجيات في الجامعة نفسها. إلى جانب ذلك، يعمل حسن كمدير لقسم الأبحاث الصناعية في مجلس الأبحاث الهندسية والعلوم الطبيعية في كندا. وقد مكّنته إنجازاته العلمية من أن يكون عضوا مكرما في معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات وجمعية الآلات الحاسوبية. كما تعتبره المجتمعات الحاسوبية ومعهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات مؤسس مجال التنقيب في مستودعات البرمجيات (MSR) حصل حسن على جائزة المصطفى(ص) لعام 2023 وكان أصغر الفائزين بها، ويرى أن هذه الجائزة تمثل تقديرا عالميا لجهوده. بالإضافة إلى ذلك، لديه عدة براءات اختراع مسجلة في دول مثل كندا والولايات المتحدة والهند وأوروبا واليابان.
تأسيس مجتمع بحثي
من أهم إنجازات أحمد حسن تأسيس مجتمع بحثي واسع في مجال التنقيب في مستودعات البرمجيات. أطلق ورشة عمل تخصصية تحولت اليوم إلى ثاني أكبر مؤتمر في هندسة البرمجيات. ويؤمن أن إنشاء هذا المجتمع ضروري وهام جدا للتقدم في هذا المجال، حيث يمكن للمطورين الاستفادة من خبرات بعضهم البعض. يقول أحد أساتذة الجامعات في مجال هندسة الحاسوب عن آفاق هذه التكنولوجيا: "لن يستطيع البشر أبدا إنتاج برمجيات خالية تماما من الأخطاء". ومع زيادة متطلبات المستخدمين، ستصبح أنظمة البرمجيات أكثر تعقيدا، لذا فإن وجود مثل هذه الأساليب يساعد المطورين على بناء برمجيات أكثر كفاءة.
في مجال التعاون
يرى أحمد حسن أن العلاقات تشكل جزءا كبيرا من عملية نمو وتطوير مجتمع التنقيب في مستودعات البرمجيات على مستوى العالم. إضافة إلى ذلك، إقناع المديرين والمنظمات الممولة يعد جانبا مهما من عملية النمو هذه. تغلب حسن على طبيعته الانطوائية وتمكن من دفع مسيرته البحثية إلى الأمام وتحقيق نجاحاته‘ وبقوله: "الاتصال بالنسبة لكل عالم مهم للغاية". ومن عوامل نجاحه ارتباطه القوي مع شركات التكنولوجيا الكبرى مثل مايكروسوفت، وجوجل، وبلاك بيري، وآي بي إم، ونورتل. أتاح له هذا التعاون تطبيق أساليبه في هندسة البرمجيات على نطاق عالمي. ويؤمن أن العلاقة بين الجامعات والصناعات تساعد على تجاوز البحث العلمي النظري وتطبيقه في منتجات وخدمات واقعية.
محور التركيز
يركز حسن في أبحاثه على عدة محاور أساسية؛ منها هندسة البرمجيات المعتمدة على البيانات، حيث يتم استخراج أنماط مثلى لتطوير البرمجيات باستخدام الأساليب الإحصائية وتعلم الآلة. اضافة الى ذلك يتعمق في التنقيب في مستودعات البرمجيات، بتحليل البيانات السابقة والقديمة لفهم سلوك البرمجيات وتحسين أدائها. ومن المجالات الأخرى التي يهتم بها زيادة أمان أنظمة البرمجيات باستخدام الذكاء الاصطناعي للكشف عن التهديدات الأمنية واقتراح حلول لمواجهتها. إضافة إلى ذلك، يركز على أتمتة عملية تطوير البرمجيات ويصمم أدوات تجعل البرمجة أبسط وأكثر كفاءة.
المسيرة العلمية لأحمد حسن تظهر أن النجاح في التقنيات المتقدمة لا يقتصر على المهارة الفنية فقط، بل تشمل الرؤى طويلة الأمد، والاستجابة للاحتياجات الناشئة، والقدرة على بناء علاقات بين الأشخاص والمجالات العلمية المختلفة. بلا شك، سيكون المستقبل في هندسة البرمجيات بحاجة إلى قادة مثل هؤلاء؛ قادة يفهمون العلم ويطبقونه.
 

رحلة في تطور البرمجيات
مستكشف مستودعات البرمجيات
قبل سنوات عديدة، عندما كانت الحواسيب تعرف فقط كأدوات لحساب المعادلات الرياضية، كان المخترعون الذين لا يكلون يعملون على إدخال الحاسوب إلى عالم العمل، يجب أن يدركوا أن ما يخلقونه هو أكثر من مجرد آلة حاسبة. في بداية التسعينيات من القرن العشرين، كانت أولى آلات الحساب مثل الآلة التحليلية1 لتشارلز باباج2 تستخدم بطاقات مثقبة لإدخال نصوص البرامج والبيانات إلى النظام وتخزين المعلومات. في هذه الطريقة، وجود ثقب في جزء معين يعني قيمة واحد في جبر بول (Boolean Algebra) . استُخدمت بطاقات المثقبة على نطاق واسع حتى عام 1950، بحيث كانت شركة IBM في عام 1937 تنتج عشرة ملايين من هذه البطاقات يوميا. ومع ذلك، كانت كل بطاقة مثقبة قادرة فقط على تخزين 70 بايت من البيانات. ومن ثم، جميعها معا لم تكن قادرة سوى على تخزين 679 ميجابايت من البيانات.
تجاوز القيود
في عالم اليوم، حجم معلومات شركة برمجيات بسيطة يمكن أن يتراوح في المتوسط بين عدة تيرابايتات إلى عدة عشرات من التيرابايتات! في الواقع، يبدو أن تطور الذكاء الاصطناعي ساهم بشكل كبير في التحسين المستمر في مجالي الذاكرة والتخزين في الحواسيب. عندما وصلت تقنية الذاكرة إلى مستوى يمكنها فيه معالجة وتخزين البيانات الهائلة بسرعة وكفاءة عالية، شهدت خوارزميات التعلم الآلي المعقدة3، وبالأخص فرع يسمى التعلم العميق4، انفجارا في النمو. في الماضي، كانت قيود الذاكرة تمنع تشغيل نماذج تحوي مليارات المعاملات. مع تحسن هذا الجانب، أصبح بالإمكان معالجة البيانات الكبيرة، وتوسعت حدود الابتكار في الذكاء الاصطناعي. زيادة سرعة الوصول إلى الذاكرة، تحسين سعة التخزين وتقليل التأخير، بالإضافة إلى الاستخدام المتزايد لتقنيات حديثة مثل ذواكر DRAM الحديثة ومحركات  NVMe، أتاح للحواسيب القدرة على إجراء حسابات كثيفة وثقيلة في نفس الوقت. لذا، كانت التزامن بين التقدم في الأجهزة والخوارزميات العامل الرئيسي في التطور السريع للذكاء الاصطناعي.
خلف كواليس الأكواد
هندسة البرمجيات5 هي العلم والفن في إنشاء أنظمة برمجية معقدة، وهي منهجية منظمة لتصميم وتطوير واختبار ونشر وصيانة هذه الأنظمة. بمعنى آخر، يهدف هذه التخصص إلى إنتاج برمجيات ذات جودة وأداء عالٍ وكذلك قابلة للصيانة والتطوير المستقبلي من خلال تطبيق مبادئ الهندسة. بالتالي، تساهم التكنولوجيا والخدمات في هذا المجال في مساعدة المستخدمين على تحسين الإنتاجية والاستفادة. يعتبر أحمد حسن، الباحث المعروف في هذا المجال، أن هندسة البرمجيات وسيلة تجمع عددا كبيرا من الأشخاص معا لخلق شيء متميز ومبتكر. النقطة المهمة هي جمع الناس معا والتعقيدات المتعلقة بإدارتهم، لأن هندسة البرمجيات لا تشمل فقط الجوانب الفنية للحاسوب، بل تدمج الأبعاد الإدارية وكذلك الجوانب المتعلقة بمستخدمي الحاسوب لتعمل معا على إنتاج منتج له تأثير واضح على المجتمع.
من البيانات إلى المعرفة
استكشاف مستودعات البرمجيات6 (MSR) هو مجال جديد يهدف إلى تحليل وفحص البيانات الغنية المتاحة لاستخلاص معلومات مفيدة وموثقة من مستودعات البرمجيات مثل مستودعات التحكم في الإصدارات7، أرشيف قوائم البريد الإلكتروني، أنظمة تتبع الأخطاء وغيرها8، بخصوص نظام البرمجيات الخاص بنا. يركز هذا المجال أيضا على كشف التبعيات والنظام المتعلق بالبيانات المرتبطة. مستودعات البرمجيات في الواقع قاعدة بيانات ذات حجم كبير للاحتفاظ بالسجلات التي تخزن بيانات متعلقة بمنتجات شركة حاسوبية. عادة ما تتكون مستودعات البرمجيات من جزأين؛ تُخزن البيانات في نظام التحكم في الإصدارات أو التحكم بالمصدر، بينما تُخزن بيانات التعريف (الميتاداتا) الخاصة بالتغييرات المتعلقة بكل جزء من هذه البيانات في الجزء الثاني. بعض الباحثين يعرفون استخراج أرشيفات البرمجيات على أنه عملية للحصول على الأدلة الأولية عبر استخراج البيانات من مستودعات البرمجيات. إضافة إلى ذلك، يعرف البعض مصادر البيانات كمنتجات موجهة مثل الشيفرة المصدرية9، وثائق المتطلبات، أو أرشيفات النسخ، بمعنى أن هذه المصادر هي وثائق تم إنشاؤها ذاتيا بناء على عملية بناء المنتجات نفسها. ويزعمون أن هذه المصادر لم تتأثر بشكل مباشر، ولكنها مع ذلك تظل متأثرة ومجزأة إلى حد ما.
من تقنيات MSR يمكن الإشارة إلى تحليل التغييرات الزوجية10. تقوم فكرة تحليل التغييرات الزوجية على أساس أن المطورين يقومون بشكل متكرر بتغيير الكيانات البرمجية معا لإصلاح أخطاء أو إضافة ميزات جديدة. غالبا لا تُذكر هذه العلاقات بين مكونات الشيفرة بشكل صريح داخل الكود أو الوثائق الأخرى. خاصة المطورون الجدد في المشروع قد لا يعرفون أي الكيانات يجب أن تتغير معا. هدف تحليل التغييرات الزوجية هو استخراج هذه العلاقات من نظام التحكم في النسخ الخاص بالمشروع. من خلال دراسة التغييرات المسجلة في مواقع مختلفة (commits)  وتوقيت هذه التغييرات، يمكن التعرف على الكيانات التي تغيرت بشكل متزامن بشكل مستمر. بعد ذلك، يمكن تقديم هذه المعلومات للمطورين القريبين من تعديل أحد هذه الكيانات لدعمهم في التغييرات القادمة.
من تقنيات أخرى لاستكشاف مستودعات البرمجيات تحليل مواقع التغييرات المسجلة11 في عملية إنتاج البرمجيات والتي تعرف بـ commit في أنظمة التحكم في النسخ، هناك أنواع مختلفة من الـ commits مثل تلك الـ commits المتعلقة بإصلاح الأخطاء، إضافة الميزات، التوثيق، وغيرها. لاتخاذ قرارات مبنية على حقائق بناء على الـ commits السابقة التي تؤدي إلى نتائج أدق، من الضروري اختيار مجموعات فرعية من الـ commits المتعلقة بالجزء المعني وإثراء المعلومات. كما تعد إنتاج الإحصائيات والوثائق12 من التقنيات المهمة في هذا المجال؛ حيث تسمح بإنتاج وثائق مفيدة عبر استخراج البيانات المتوفرة في مستودعات البرمجيات. على سبيل المثال، بحساب إحصائيات الاستهلاك، تساعد هذه العملية المطورين الجدد على التعرف بسرعة على الأجزاء الأكثر استخداما. بحيث يتم استخراج البيانات الأساسية من أنظمة التحكم في النسخ.
أبحاث أحمد حسن في هندسة البرمجيات تسهم بشكل ملحوظ في تسريع تقدم مجالات البرمجة والبرمجيات. وهو يعتقد أن "الفكرة العامة لجمع هذا الكم من البيانات تحولت إلى مجال واسع وناجح من الأبحاث في جميع أنحاء العالم، والآن العديد من الشركات الكبرى مثل جوجل، مايكروسوفت، وأمازون دمجت هذه الطريقة في بيئات الإنتاج والتطوير الخاصة بها ورفعت جودة برمجياتها." يمكن القول إن أبحاث استكشاف مستودعات البرمجيات تعد بمثابة دليل تجريبي يشجع المبرمجين ويمنعهم من التكرار والإعادة غير الضرورية للأخطاء. ولحسن الحظ، مع وجود باحثين مثل حسن، يتواجد هذا الدليل في الشركات الكبرى في العالم ويمنحنا أملا في تقدم أكثر ذكاءً وسرعة في التكنولوجيا.
 


icon

البروفيسور أميد فرخ زاد

العلوم والتكنولوجيا الحيوية والطب

مولود :

1969

الجنسیة:

إيران

الأعمال:

تصميم وتطوير وتقييم سريري لأدوية جديدة تعتمد على جزيئات البوليمر النانوية

على مقياس النانو، في وسع الحياة
ولادة الدافع
"عِش حياتك بطريقة تجعل اسمك وعملك خالدين بعد موتك" نصيحة كان والد أوميد فرخزاد يرددها لأبنائه.
وكانت نتيجة التربية في أسرة محبة للقراءة، ظهور عالم بارز في مجال الطب النانوي.
الدعم الذي ساهم في نمو هذا العالم هو والد مثقف، كان الكتاب جزءا من روحه الحياتية، وكان يُعلم هذا العادة الطيبة لأبنائه أيضا. تأثير هذا الأب على حياته عميق إلى حد أنه دائما يسعى لتحقيق توقعاته.
وُلد أوميد، الابن الرابع في عائلة متوسطة، في 18 فبراير 1969 (29 بهمن 1347). قضى طفولته في طهران، وكان في سنواته الأولى في المدرسة يُظهر اهتماما ببناء الدوائر الإلكترونية وملاحظة الأشياء تحت الميكروسكوب، لكن حبه للعلوم الطبية تأخر قليلا في الازدهار. يعتقد أن هذا الاهتمام يرجع إلى عاملين:
الأول هو الحرب التي استمرت ثماني سنوات، حيث تركت رؤية المشاهد المؤلمة ودور المجتمع الطبي فيها أثرا عميقا في نفسه.
والعامل الثاني هو مواصلته الدراسة في بيئة جديدة؛ إذ درس علم الأحياء في جامعة ماساتشوستس، وحصل إضافة إلى ذلك على شهادة فرعية في الكيمياء.
في هذه المرحلة، ازداد إصراره على دراسة الطب، ليرتقي بمكانته الاجتماعية بالدراسة في جامعة بوسطن، حيث حصل على درجة الماجستير في الطب.
تركيب من علوم متعددة
أثناء دراسته للطب، انتقل فرخزاد لإكمال تخصصه في المعهد الوطني للسرطان في أمريكا.
بعد الانتهاء من دراسة الطب، بدأ فترة ما بعد الدكتوراه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، حيث أجرى أبحاثا في مختبر هندسة الكيمياء تحت إشراف روبرت لانجر  (Robert Langer).
على الرغم من عمله في مجال علم الأحياء الجزيئي، كان عليه تعلم مهارات وعلوم أخرى مثل المواد الحيوية والهندسة. ويعتقد أن هذه التحديات والتدريبات المتعددة الجوانب شكلت أساس أبحاثه المستقبلية.
في عام 2001، ركز على مشروع التوجيه والتحكم في إطلاق الجسيمات النانوية الليبوزومية؛ وهي جسيمات دقيقة جدا قادرة على توصيل الدواء بدقة إلى نقاط محددة في الجسم.
لتحقيق هدفه، استخدم بدلا من الأجسام المضادة البروتينية الشائعة وقاعدة القفل والمفتاح، جزيئات أخرى تسمى "أبتاميرات" ذات تركيب نوكلييك حمضي، والتي كانت تملك مزايا أكثر من الأجسام المضادة.
أدت جهوده في هذا المشروع إلى نشر ورقة بحثية لم تتلق أي ملاحظات سلبية من المحكمين وتم قبولها للنشر في مجلة متخصصة في دراسات السرطان.
بعد هذه المرحلة ونهاية مرحلة ما بعد الدكتوراه، بدأ تدريبا سريريا في كلية الطب بجامعة هارفارد في مستشفى بريغهام (Brigham)، وفي عام 2004 أصبح عضوا في هيئة التدريس في هارفارد.
يذكر فرخزاد أنه كان منذ البداية مولعا بالعلم، وركز أكثر على البحث العلمي وبشكل أقل على العمل السريري، حتى أصبح يكرس نفسه بالكامل للبحث.
في وقت كان تطبيق النانو في العلاج والطب لا يزال مجهولا، أسس هذا العالم المختبر الخاص بالنانومدسن والمواد الحيوية  (Nanomedicine and Biomaterials)  
وبعد عقد من الزمن، طوّره ليصبح مركزا للنانومدسن، حيث أصبحت النانوتكنولوجيا الحيوية أساس أعماله.
كانت الأولوية في هذا المركز تطوير منصات وتقنيات تعالج مجموعة واسعة من التحديات بدلا من علاج مرض واحد بعينه.
إلى جانب ذلك، كان المركز نشطا جدا في نشر الأبحاث وتسجيل الاختراعات.
لاحقا، التحق فرخزاد بكلية سلون للإدارة بجامعة ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT Sloan  School of Management)  لدراسة ماجستير إدارة الأعمال (MBA)
اتقانه لعلوم متعددة مثل الطب، علم الأحياء الجزيئي، المواد الحيوية، الكيمياء، الهندسة، والتجارة كان له تأثير كبير على مسيرته المهنية.
يرى فرخزاد أن نجاحاته تعود بالإضافة إلى أساتذته الآخرين، إلى الأستاذ روبرت لانجر  (Robert Langer)  وزوجته.
تعلم إلى جانب لانجر أنه يمكنه أن يكون رائد أعمال إلى جانب عمله الأكاديمي، وهاتان الصفتان لا تتعارضان بل تشجعان الأفراد على خدمة المجتمع ودعم الباحثين الشباب.

الضربة بالأرض، قفزة إلى السماء
الصمود والمرونة هما فلسفة حياة فرخزاد البارزة.
يستخدم تشبيها مفاده أن كلما ارتطم كرة السلة بالأرض بقوة أكبر، ارتفعت أكثر، وهذا درس لنا في الحياة.
في عام 2006، وبتمويل من المعهد الوطني للصحة، أسس هذا الباحث أول شركة له باسم BIND   لتطبيق أبحاث ما بعد الدكتوراه الخاصة به.
بالرغم من أن أفكاره بدت غير عملية في البداية، استخدم المرونة والإصرار لتعديل تصميم الناقل النانوي وتمكن من إنتاج أول منتج لشركته.
يقول: "عندما دخلت أول جزيئات نانوية موجهة من إنتاجنا إلى جسم الإنسان، كان ذلك خبرا بارزا في وكالات الأنباء لأسابيع.
وكان أحد المشاركين في المرحلة السريرية امرأة مصابة بسرطان عنق الرحم لم تنجح العلاجات الأخرى معها، لكن بعد تجربتنا السريرية شفي سرطانها."
في المرحلة الثانية، تعرضت الشركة لانخفاض في البورصة، وتم شراء BIND من قبل شركة فايزر؛ لكن كما في التشبيه، كلما ارتطمت الكرة بالأرض بقوة أكبر، كلما ارتفعت أكثر.

من الجسيمات النانوية إلى علاج النقرس
يُعرف استخدام الجسيمات النانوية لتحفيز التحمل المناعي باسم  ImmTOR 
وقبل ذلك، كانت الطرق السابقة باستخدام البيبتيدات أو البروتينات المضادة للأجسام غير ناجحة في التجارب السريرية، بسبب التعقيد الكبير للجزيئات المضادة للأجسام في الأمراض المناعية الذاتية.
الأمراض المناعية الذاتية ناجمة عن تفاعلات معقدة في الجهاز المناعي ضد خلايا وأنسجة أو أعضاء الجسم الخاصة به.
في هذا المجال، قدمت تقنية النانو، تطورات جديدة قادرة على تنظيم الاستجابات المناعية.
بحيث يمكن للجسيمات النانوية تنشيط الجهاز المناعي أو قمعه.
في عام 2008، قام فرخزاد بخطوات لتحسين علاج النقرس، الذي يحتاج إلى إنزيم يسمى Uricase.
هذا الإنزيم يحفز الجهاز المناعي، لذا يجب أن يتقبل الجسم هذا الإنزيم كبروتين خاص به ليتمكن المريض من استخدامه.
هنا تظهر أهمية ImmTOR مع إنزيم  Uricase 
من التحديات الرئيسية كانت منع الاستجابة المناعية للجسيمات النانوية المحقونة.
لحل هذه المشكلة، تعاون فرخزاد مع لانجر وUlrich H. Von Andrian، وأسسا شركة Selecta Biosciences   التي تسعى لتطوير أدوية نانوية معدلة للمناعة للعلاج والوقاية من الأمراض، وتحويل هذه التقنيات من الاكتشافات الأكاديمية إلى التجارب السريرية.

ثورة على أيدي الجسيمات النانوية
في عام 2011، نجح فرخزاد وزملاؤه في إيصال أول جسيمات نانوية موجهة ذات إطلاق محكم إلى التجارب السريرية على البشر.
في نفس العام، أسس شركته الثالثة باسم   Tarveda Therapeutics
كانت هناك مشكلة أخرى: عند حقن الجسيمات النانوية في الجسم، يتشكل حولها غلاف بروتيني يؤثر على أدائها.
لكن هذا لم يكن عائقا أمام فرخزاد بل مصدرا لأفكار جديدة؛ إذ اكتشف أنه يمكن استخدام الجسيمات النانوية لأخذ عينات من البروتيوم (مجموع البروتينات الحية).
وكان هذا هو جوهر شركة   Seer، التي تقدم أدوات دقيقة لتحليل البروتينات بطرق مبتكرة.
الربط بين البيانات الجينومية والبروتينية محدود جدا، مما يجعل الوصول للبروتيوم أقل من الوصول للجينوم.
جهود فرخزاد تمكّن العلماء من الوصول إلى هذه البيانات بسرعة أكبر، وبالرغم من المخاطر العالية، فإن نجاح هذه الفكرة سيحمل نتائج مبهرة.
في عام 2018، استقال فرخزاد من منصبه في هارفارد كأستاذ لتأسيس شركة Seer وتحويل هذه الفكرة إلى واقع.
اليوم، تتيح منتجات الشركة للباحثين تحليل عينات بيولوجية مثل دم الإنسان بدقة وسرعة أعلى، والوصول إلى بروتينات لم تكن معروفة سابقا.
وشكل هذا أمرا مهما للاكتشافات الجديدة وفهم أفضل للأنظمة البيولوجية، ويمكن استخدامه أيضا للكشف المبكر عن السرطان، إذ يختلف بروتيوم الشخص السليم عن المريض.
بعد ثلاث سنوات من تأسيس الشركة، تم تصنيع أول جهاز باسم  Proteograph  
استخدام الجسيمات النانوية في العلاج له تاريخ طويل يعود إلى ثمانينيات القرن الماضي (1980)، عندما وُضعت الأدوية في الليبوزومات أو الجسيمات النانوية الدهنية.
التركيز الحالي للمجتمع العلمي هو التحكم في معدل إطلاق الدواء وحتى توصيله بشكل موجه إلى نقطة محددة في الجسم، مستفيدين من أبحاث فرخزاد في توصيل أدوية السرطان بشكل موجه ومنظم بحيث تؤثر فقط على الخلايا السرطانية.

على منصة المجد
خلال هذه المسيرة، حصل فرخزاد على عدة جوائز؛
في 2016 نال ميدالية شرف جزيرة إليس، وفي 2014 نال جائزة البوابة الذهبية (Golden Door).
في 2012 حصل على جائزة رائد الأعمال للعام Ernst & Young New England ، وفي العام التالي نال جائزة  RUSNANOPRIZE   
في 2015، أُدرج ضمن قائمة أفضل مئة عالم مختار من مجلة Scientific American في مجال التكنولوجيا الحيوية.
وفي 2018 انضم إلى الأكاديمية الوطنية للمخترعين.
من 2014 حتى 2023، اختارته Thomson Reuters كأحد الباحثين الأكثر استشهادا، ووصفت مجلة Boston Globe إياه كأحد المبتكرين البارزين في ماساتشوستس.
كما صنفته مجلة Boston Business كأحد أبطال الصحة والعلاج.
شغل فرخزاد عضوية التحرير في مجلات متعددة مثل  ACS Nano، Future Medicine، Precision Nanomedicine، Advanced Therapeutics، وDrug Delivery، وله أكثر من 185 مقالا وأكثر من 200 اختراع مسجل وقيد التسجيل.
التقنيات التي طورها فرخزاد وزملاؤه كانت أساسا لإنشاء عدة شركات أخرى، منها PrognomiQ   التي تأسست في 2020 وتركز على تطوير منتجات للكشف المبكر والعلاج.
كما تشمل شركات أخرى مثل Placon Therapeutics المتخصصة في علاج السرطان، وBlend Therapeutics   التي تطور أدوية مبتكرة.
أوميد فرخزاد، عبر دمج العلوم المختلفة، أثبت أن حدود العلم قابلة دائما للتوسع.
بتطوير تقنيات حديثة في مجال الطب النانوي، وفتح طرقا جديدة لعلاج الأمراض المعقدة.
إن جهوده، جنبا إلى جنب مع جهود الباحثين الآخرين، ساعدت في تقدم المعرفة والتقنيات التطبيقية في السنوات الأخيرة وستظل جزءا من التطورات المستقبلية في هذا المجال.
 

الأمل الجديد في النانو
العدو يتسلل متنكرا في أزياء متغيرة ويتوسع خفية؛ في هذا الوقت الذي لا يمكن فيه التمييز بين العدو والمواطن العادي، كيف يمكن الحفاظ على أمن البلاد؟ في هذه اللحظات الحساسة والمهمة، نحتاج إلى قوات خاصة تلقت تدريبات خاصة للتعامل مع هذه الظروف. الفرق بين القوات الخاصة والجنود العاديين يكمن في دقة الأداء، والفعالية العالية في الهجوم، وبالتالي الدفاع عن البلاد. هذه هي قصة أجسامنا، والسرطان، ودور الأدوية النانوية. الأدوية النانوية هي قوات خاصة ماهرة تقاتل بفعالية ضد الخلايا السرطانية التي هي أعداؤنا، دون أن تلحق الأذى بالمواطنين العاديين، أي الخلايا السليمة في الجسم. ومع ذلك، يحتاج كل جندي ماهر إلى قائد قوي، قائد لديه فهم صحيح للعدو وجنوده. في العلوم الطبية والعلاجية، يتولى الباحث والمحقق دور القائد الذي يختار الأدوية النانوية بناء على العوامل المختلفة التي يظهرها السرطان.

البطل المجهري
تطورت طرق العلاج عبر الزمن، لكن القلق من أجل الحفاظ على الصحة والوقاية وتحسين الأمراض لا يزال مستمرا. للمضي قدما في مجال الأدوية والعلاج، تتجه الأنظار الآن إلى علم النانو. لقد تطورت تقنية النانو في مجالات الهندسة والفيزياء والكيمياء والبيوتكنولوجيا، والآن، مع إمكانات هائلة للتوسع والتطوير في العقد القادم وما بعده، دخلت النانو مجال الطب أيضا. بالطبع، لا تزال تطبيقات النانو في هذا المجال في مراحلها الأولى، لكن العلماء الذين يدركون هذه الإمكانات، بالتعاون مع مجالات العلوم الأخرى، يخطون خطوات فعالة في الوقاية، والتشخيص، وعلاج الأمراض البشرية، وكذلك في تخفيف الألم، مما يحقق مستقبلا مشرقا. من بين هؤلاء العلماء، يُعتبر "أميد فرخزاد" واحدا من العلماء الناجحين، حيث يركز بحثه على توصيل الأدوية، والعلاج المبني على تقنية النانو، ودراسة أمراض مثل السرطان، وقد نشر في هذا المجال عدة مقالات.

من النظرية إلى التطبيق
تظهر تقنية النانو قدرات لم يستطع الطب التقليدي تحقيقها حتى اليوم، ولهذا السبب جذبت اهتمام العديد من العلماء منهم فرخزاد. تظهر الأدوية النانوية قدرة امتصاص أفضل مما يؤدي إلى تأثير أكبر للحد الأقصى، وسمية أقل. وحجمها الفريد (زيادة نسبة السطح إلى الحجم بشكل ملحوظ) يزيد من طاقة السطح ويعزز تفاعل الجزيئات. بالإضافة إلى ذلك، تزيد الخصائص الكهربائية والميكانيكية والبصرية والمغناطيسية للجسيمات النانوية المختلفة من استخداماتها. كما أن التوصيل المستهدف للأدوية، والتعرف على الأورام أو المناطق المصابة باستخدام هذه الجسيمات الصغيرة ممكنة أيضا. وقدرتها على تجاوز الحواجز البيولوجية مثل الحاجز الدموي الدماغي وتوصيل الدواء إلى الموقع المطلوب تعد من إمكانات هذه الجسيمات السحرية. مع كل هذه الخصائص الإيجابية، يجب أن ننتبه إلى أن تطوير الأدوية النانوية ليس سهلا كما قد نتصور. لبناء دواء نانوي فعال، من الضروري فهم طبيعة الأمراض الفيزيولوجية المرضية وتفاعل سطح الجسيمات النانوية مع بيئتها القريبة في السوائل الحيوية.

نهج فرخزاد متعدد التخصصات
استخدام الجسيمات النانوية في الطب والعلاج هو ثمرة تعاون تخصصات مختلفة مثل الهندسة الكيميائية، الطب الحيوي، الهندسة الميكانيكية، علوم المواد، علوم الصيدلة، الكيمياء والفيزياء، علم الأحياء، الفيزياء الحيوية والكيمياء الحيوية، بل وحتى الإدارة، ورصد السوق، ومهارات القيادة. بما أن "أميد فرخزاد" درس في مجالات علم الأحياء، الكيمياء، الطب، وإدارة الأعمال، وعمل في مجالات المواد الحيوية والهندسة، فقد ساعدت نظرته متعددة التخصصات في تطوير وتصنيع الأدوية النانوية. وبناء على ذلك، حاز على جائزة المصطفى(ص) عام 2023 لتصميم وتطوير وتقييم سريري لأدوية جديدة تعتمد على الجسيمات النانوية البوليمرية.

سمفونية البوليمر والنانو
تعقيد بعض الأمراض وسمية بعض الأدوية بذاتها أدت إلى زيادة الاهتمام بتطوير وتحسين أنظمة توصيل الأدوية. تعد الجسيمات النانوية البوليمرية أداة رئيسية لتحسين التوافر البيولوجي للأدوية، وتنوعها يجعلها مثالية لتلبية احتياجات كل نظام توصيل دواء بشكل خاص. استخدمت المواد البوليمرية لأكثر من 40 عاما في مجموعة واسعة من المنتجات الدوائية والتقنية الحيوية. في مقال لفرخزاد يعود لعام 2012، أشار إلى أن أجيال جديدة من الجسيمات النانوية البوليمرية تم تصميمها بحيث يتم توجيه تأثير الدواء بطريقة محددة ومتحكم بها، وأن تصميمها الدقيق مع تحسين الفارماكولوجيا الدوائية يمكن أن يؤدي إلى تحسين الأمان والفعالية. هذه الجسيمات النانوية البوليمرية لديها الإمكانية لتصبح نوعا جديدا ومتميزا للغاية من العلاجات.
الصيدلة الحديثة تركز على تحسين الأداء. الهدف الرئيسي هو التحكم في تأثير الأدوية، زيادة مدة بقاءها، وتوصيل الدواء بدقة إلى الموقع المطلوب في الجسم. كما تسعى لتجاوز المشاكل مثل الآثار الجانبية، وعدم الاستقرار، والتغيرات غير المرغوبة في الأدوية. في هذا السياق، نشر فرخزاد مقالا آخر يدرس تطوير البوليمرات القابلة للتحلل الحيوي. هذه المواد أدت إلى تقدم ملحوظ في توصيل الأدوية، والهندسة النسيجية، وتطوير الأجهزة الطبية. قصر عمر العديد من العلاجات الحديثة وسمية الأدوية ذات الجزيئات الصغيرة يشكلان الدافع الأساسي لتطوير طرق توصيل دوائية بوليمرية. البوليمرات، وبفضل خصائصها الفريدة على المستويين الجزيئي وما فوق الجزيئي، مع إمكانية تصميم أنظمة متقدمة لتوصيل الدواء يمكنها تحسين خصائص الأدوية وتحسين أدائها.
في أحد مشاريعه، درس فرخزاد استخدام تركيبة نانوية من جسيمات وأبتامر لعلاج سرطان البروستات. في هذا المشروع، تم تصميم غلاف من الجسيمات النانوية لتغليف الدواء المطلوب. تم صنع هذا الغلاف من بوليمرين اثنين متوافقين حيويا وقابلين للتحلل الحيوي، معتمدين من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية للدراسات السريرية. دور هذه البوليمرات هو زيادة نصف عمر الدواء في الدم وتقليل امتصاصه في الخلايا غير المستهدفة. ثم قام الفريق البحثي بتصميم أبتامر من نوع RNA قادر على الارتباط بمستقبلات خاصة في خلايا البروستات؛ وهي مستقبلات تتواجد بكثرة وبكميات كبيرة في الخلايا السرطانية للبروستات. أظهرت النتائج أن التركيبة الحيوية بين الجسيمات النانوية والأبتامر يمكن أن تستهدف الخلايا المطلوبة بكفاءة ويتم امتصاصها من قبلها. يعتقد الفريق البحثي أنه من خلال تحسين نموذج هذه الحوامل الدوائية يمكن اتخاذ خطوات مهمة في علاج العديد من الأمراض البشرية الهامة.
من الإنجازات الأخرى لفرخزاد تصميم ناقل نانوي يستخدم في العلاج المناعي. أحد طرق العلاج المناعي هو تطوير لقاح للسرطان، حيث يتم حقن المستضد السرطاني أو رمزه الجيني في جسم الفرد لتحفيز جهاز المناعة على مواجهة الخلايا السرطانية. إلى جانب اللقاح، تضاف عادة مركبات مساعدة تسمى "أدجوانت" (Adjuvant)  لتعزيز وجود المستضد ومعالجته وكذلك لجعل توصيل الدواء أكثر استهدافا، مما يقوي الاستجابة المناعية. ولكن أكبر مشكلة في استخدام الأدجوانت هي سميتها والآثار الجانبية لها. لهذا، أحد التحديات الرئيسية في تطوير اللقاحات هو نمذجة واستخدام الأدجوانت القوية في العيادات. في عام 2014، صمم فرخزاد وفريقه ناقلا نانويا يحوي المستضد والأدجوانت ويحميهما. أظهرت الدراسات أن هذا الناقل يزيد من الاستجابة المناعية اللازمة لمواجهة السرطان، ويحمي اللقاح من التحلل بواسطة الإنزيمات داخل الجسم.
من بين إنجازات هذا الباحث أيضا تصميم أدوات نانوية لتوصيل الدواء تعرف بـ"الطائرات بدون طيار القابلة للتحلل الحيوي"، التي توصل نوعا معينا من الدواء إلى الجسم وتحسن أمراض تصلب الشرايين. كما طور نوعا من الألصاق الكولاجيني المحمل بالجسيمات النانوية يستخدم لمرضى الحوادث الشديدة. هذه الألصاق يمكنها توصيل المضادات الحيوية وأدوية أخرى لتسريع شفاء العظام المكسورة والجروح بطريقة أفضل وأكثر تحكما مقارنة بالأساليب الحالية، كما تمنع العدوى والعمليات الجراحية اللاحقة.
ربما قبل التعرف على علم الأدوية النانوية، كنا نمتلك أملا أقل في علاج السرطان، لكن الآن، يتعلم الإنسان طرقا للهجوم بشكل أكثر فعالية على هذا العدو، هجمات لا تدمر الخلايا السليمة على عكس العلاج الكيميائي والإشعاعي، بل تعمل بطريقة مخصصة. تماما كما يتم تدريب القوات الخاصة التي تدخل أخطر المواقع من أجل الحفاظ على صحة الوطن والمواطنين. هؤلاء الجنود النانويون، تحت قيادة باحثين بارزين مثل أميد فرخزاد، يبشرون بأيام لن يكون فيها السرطان عدوا لا يقهر.
 


icon

البروفيسورة سامية خوري

العلوم والتكنولوجيا الحيوية والطب

مولود :

1958

الجنسیة:

لبنان

الأعمال:

أساليب جديدة في علاج مرض التصلب العصبي المتعدد (ms): تحديد العوامل المسببة للمرض وآليات تنظيمه وتحمله

خطوات نحو غد أفضل
تحكي حياة كل شخص قصة من التحديات والانتصارات، بل وأحيانا جانبا من الإخفاقات، التي يمنحنا الاستماع إليها عالما من التجارب. وفي هذا السياق، تُعد سامية خوري من الشخصيات العلمية التي، وسط مفترق طرق قراراتها، اختارت مسارا لم يؤثر فقط في مستقبلها، بل غيّر أيضا حياة الآخرين. لقد نقلت خوري ببراعة نتائج تجاربها إلى الميادين الإنسانية، وقدّمت من خلال فرضياتها نتائج واعدة لعلاج مرض التصلب المتعدد (MS) وتمثل حياتها نموذجا لتأثير المعرفة والالتزام في حل القضايا الطبية والاجتماعية.

مفترق طرق مصيري
في عام 1975، عندما كانت سامية في الخامسة عشرة من عمرها، اندلعت الحرب الأهلية في وطنها لبنان؛ نار أحرقت الاستقرار وأغرقت بريق المستقبل في ظلام دامس. توقفت المدارس، وانتشرت الدماء والدموع، وأُصيب والدها إصابة خطيرة، ووسط هذا كله كانت هناك بيئة تُهيّئ أي مراهق للوقوع في فخ اليأس والانهيار. لكن سامية خوري لم تتخلَّ عن حلم طفولتها. حلم أن تصبح طبيبة، ذلك الحلم الذي راودها منذ أن كانت في الثالثة من عمرها، حين كانت تتخيل نفسها مرتدية المعطف الأبيض. لم تثنها الأحداث المتتالية عن النمو، بل زادتها عزيمة، خصوصا بعد أن رأت ضحايا القصف، وتكوّنت في ذهنها صورة لمُنقذ، أرادت أن تجسّدها بنفسها.
نور في الظلام
رغم أن إغلاق المدارس لعام كامل عطّل فرصة التعليم، كانت خوري بدعم من والديها قدوة لأختيها الصغيرتان وأخيها، وبحثت عن طريق لنموها الذاتي وسط فوضى الحرب. فتحت عينيها المتعطشتين للمعرفة على الكتب والمواد الدراسية، والتجأت إلى عالم العلم والمعرفة. لم ترَ خوري أي عائق كحد لتقدمها، بل واصلت الدراسة حتى في غياب الكهرباء، مستخدمة ضوء الشموع لقراءة مواد العام الدراسي المقبل. كانت كل صفحة تقرأها خطوة تقترب بها من هدفها، حتى أصبحت في نهاية المطاف الأولى في امتحانات القبول الجامعي في لبنان.
التحقت بالجامعة الأمريكية في بيروت لدراسة الطب العام، ومنها انطلقت نحو جامعة هارفارد. وفي عام 1983، أصبحت عضوة في الجمعية الطبية الشرفية  Alpha Omega Alpha، وبعد حصولها على شهادتها عام 1984، بدأت دراستها التخصصية في مرض التصلب المتعدد MS في جامعة هارفارد. ثم تابعت فترة التدريب والاختصاص حتى عام 1988 في مدينة كليفلاند بولاية أوهايو، وأكملت بعدها الزمالة في علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة هارفارد.

رفيق الدرب
في عام 1980، وفي الأجواء التنافسية للجامعة الأمريكية في بيروت، التقت بمحمد صائغ، وكان كلاهما يدرس الطب. ما جمع بينهما كان الشغف بالعلم والتعلم، الذي كان يتّقد في جوهرهما. عملا سويا على مشاريع وأفكار بحثية، مما عمق علاقتهما العاطفية والمهنية.
وفي الوقت الذي كانت خوري تتخصص في علم المناعة العصبية تحت إشراف الدكتور هاوارد واينر في جامعة هارفارد، بدأت أبحاثها وتدريباتها السريرية في مرض التصلب المتعدد MS . لم يكن لهذا المرض أي علاج آنذاك، وهذا ما دفعها للتعمق فيه أكثر. في عام 2011، وفي ذروة إنجازاتهما العلمية والمهنية، عادت خوري وزوجها إلى لبنان لتطبيق حصيلة سنوات البحث والدراسة في هارفارد في بلدهم الأم. كانت خوري منذ البداية مصممة على العودة إلى بيروت بعد إنهاء دراستها، لتكون في خدمة شعبها، بدعم من زوجها الذي ضاعف من حماستها.
وفي عام 2021، حصل محمد صائغ على جائزة المصطفى(ص) بفضل إنجازاته في العلاجات الحديثة لتحسين نتائج زراعة الكلى والقلب، وهو ما مهّد الطريق لتعريف سامية خوري بهذه الجائزة وانضمامها لاحقا إلى المجتمع العلمي المرتبط بهذه الجائزة.
الجوائز والإنجازات
كان إيمان سامية خوري بالصلة بين الأذى الجسدي والنفسي سببا وراء تأسيسها لمركز متعدد التخصصات لعلاج مرض التصلب المتعدد MS في لبنان. في هذا المركز، يُعتمد نهج علاجي شمولي، حيث لا يتم التركيز فقط على الجانب الجسدي، بل يتم الاعتناء بالحالة النفسية للمريض أيضا.
وقد مكّنتها هذه الرؤية الحديثة وجهودها في تحديد مسببات المرض وآليات تحمّله وتنظيمه، من نيل جائزة المصطفى(ص) للعلوم والتكنولوجيا لعام 2023. من بين الجوائز الأخرى التي حصلت عليها، جائزة العلوم الكويتية عام 2007 من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي لأبحاثها في علم المناعة، وجائزة الملك سلمان عام 2022 لأبحاثها في مجالي الإعاقة والعجز.
تقلّدت مناصب عديدة، منها أستاذة في علم الأعصاب والمناعة، ومديرة مركز MS             " Nehme and Therese Tohme"،                                                           ومديرة  " Abu-Haidar Neuroscience Institute "في الجامعة الأمريكية في بيروت. كما شغلت مناصب أكاديمية أخرى، منها نائبة عميد كلية الطب لشؤون الأبحاث السريرية والتطبيقية، ومديرة مركز أبحاث التصلب المتعدد MS في بوسطن.
نُشرت لها مقالات عديدة في مجلات علمية مرموقة، وكانت بين عامي 2000 و2004 من كتّاب  Journal of Immunology، ومن 2016 حتى 2021 كانت من كتّاب مجلة Annals of Neurology.
معنى الثروة
انطلاقا من حرصها على مساعدة أبناء وطنها، سعت سامية خوري بجدية لتحسين حياة الناس في لبنان. ومن خلال التزامها بصحة المرضى ذوي الدخل المحدود، بذلت جهودا كبيرة لجمع التبرعات لتأمين تكاليف علاجهم، بهدف تمكين كل مريض يعاني من التصلب المتعدد MS من الحصول على الرعاية اللازمة في مركزها MS ، بغض النظر عن وضعه المالي.
أبناء الرداء الأبيض
في عالم العلم، لتأثير الأساتذة في الأجيال القادمة أهمية كبيرة. بين عامي 2009 و2013، عملت خوري كأستاذة أعصاب ضمن  Jack ، Sadie  و David Breakstone  في كلية الطب بجامعة هارفارد. ومن خلال إرشاداتها، ألهمت الكثيرين للانخراط في عالم علم الأعصاب، وساهمت بشكل ملحوظ في رسم ملامح المستقبل الطبي.
وبفضل البيئة العلمية في منزلها، أصبح ولداها طبيبين ناجحين ومجتهدين. لقد ساهمت خوري، من خلال مشاركتها في جمعيات علمية مرموقة وتقديمها لنتائج أبحاثها حول مرض التصلب المتعدد MS ، في توسيع حدود المعرفة العلمية، وجذبت عددا كبيرا من الباحثين لهذا المجال، وأسهمت في نشأة أجيال جديدة من العلماء في هذا التخصص. فهي، إلى جانب كونها باحثة تحمل بشائر التقدم في الطب، تقوم أيضا بسقي شجرة العلم من خلال تدريب الباحثين، حتى تؤتي هذه الشجرة أكلها في المستقبل.

تذكرنا قصة سامية خوري بأن الجهود الفردية قد تُحدث تأثيرات عظيمة على المستويين الشخصي والاجتماعي. لقد سعت خوري، من خلال تركيزها على التحديات الطبية، لإيجاد حلول تُحسّن من حياة المرضى. جهودها لم تؤثر فقط في المجال العلمي، بل أنارت قلوب المرضى وعائلاتهم بالأمل، ورسمت صورة أكثر إشراقا لمستقبل البشرية.
 

مكافحة التصلب المتعدد 
نظرة على جهود سامية خوري في علاج مرضى التصلب المتعدد  MS
مرض التصلب المتعدد Multiple Sclerosis ، أو اختصارا  MS، هو من الأمراض التي تتحدى كل تصوراتنا حول كيفية عمل الجهاز الجسماني، ويروي قصة حرب داخلية. الفوضى تنتشر في عالم الجهاز العصبي المركزي، حيث تتعاون كل الخلايا، من خلايا T النشطة إلى خلايا B وحتى الجهاز المناعي الفطري، لتدمير الجسم. يُعتبر الميالين - وهو الغلاف العازل للأعصاب - عن طريق الخطأ عدوا ويتم تدميره واحدا تلو الآخر. في هذه الأثناء، يؤثر الالتهاب على وظيفة الخلايا الجذعية العصبية، مما يمنع تجديد الخلايا العصبية وخلايا الدماغ. مع مرور الوقت تظهر المشاكل؛ التصلب المتعدد MS يؤدي إلى أضرار في الرؤية، وتنميل ووخز في الجسم، وفقدان التوازن أو الدوار، وفي أسوأ الحالات يؤدي إلى الوفاة المبكرة. ولكن وسط هذه الحرب، يلمع نور الأمل بفضل الباحثين مثل سامية خوري1.
منذ التعرف على التصلب المتعدد MS لأول مرة، سلكت طرق العلاج مسارات مختلفة؛ من الأدوية القديمة مثل ريتوكسيماب Rituximab مرورا بجلاتيرامر أسيتات  Glatiramer acetate، فينجوليمود Fingolimod وأوكريليزوماب  Ocrelizumab؛ إلا أن لا أي منها تمكن من الوصول إلى نقطة ضعف هذا المرض ولم يحقق علاجا نهائيا. الآن، قامت سامية خوري بتأسيس مركز متعدد التخصصات للتصلب المتعدد MS في لبنان. يضم هذا المركز فريقا من المتخصصين، من ممرضين وصيادلة إلى أخصائيين اجتماعيين، جميعهم يعملون على تقديم رعاية شاملة للمرضى. ويتم مراقبة مسار التصلب المتعدد MS لدى ألفي مريض في المركز، مع تقديم علاج للاكتئاب، جلسات علاج طبيعي، وكل الإجراءات الضرورية للشفاء، مع مراعاة جميع الجوانب. هذا النهج الجديد في العلاج، وجهود خوري في التعرف على عوامل المرض وآليات تنظيمه وتحمله، أدى إلى حصولها على جائزة المصطفى(ص) لعام 2023.
بالرغم من تنوع أعراض التصلب المتعدد MS بين الأفراد، يُصنف المرض عادة إلى ثلاث فئات: الانتكاسي – المتراجع2، الأولي التقدمي3، والثانوي التقدمي4. لكن لا يوجد اختبار محدد يظهر المرض بوضوح. بشكل عام، مجموعة من الأعراض السريرية والفحوصات مثل فحص السائل النخاعي والتصوير بالرنين المغناطيسي5(MRI)  يمكن أن تشير إلى احتمال الإصابة. تُجرى العديد من الأبحاث لتحسين التنبؤ والتشخيص. دراسة فريق خوري على الفئة الانتكاسية - المتراجعة تبشر بمستقبل أكثر وضوحا. هذه الفئة تشهد دورات من ظهور الأعراض ثم تحسنها، ولكن بعد فترة، يتحول بعض المرضى إلى الفئة الثانوية التقدمية مع تدهور تدريجي للأعراض. أظهرت الدراسة أن ترقق طبقة الشبكية في العين يمكن أن يكون علامة على تقدم المرض في النوع الانتكاسي - المتراجع. يتم فحص هذه الطبقة بواسطة تقنية تصوير تُسمى التصوير المقطعي بالتماسك البصري  6(OCT)، ومن المثير أن هذه التغيرات يمكن ملاحظتها والتنبؤ بها قبل ظهور الأعراض السريرية بحوالي عامين.
مثلما يحتاج حل اللغز إلى البحث عن أدلة، فإن استخدام نموذج7 EAE هو طريقة أساسية للإجابة على أسئلة الباحثين في التصلب المتعدد MS ، هذا النموذج هو مرض تم تحفيزه تجريبيا في الحيوانات ليشبه التصلب المتعدد MS ، من خلاله، يستطيع العلماء دراسة النشاطات الالتهابية والمناعية في الجسم وفهم أسباب وطرق علاج المرض بشكل أفضل. سامية خوري استخدمت هذا النموذج لتحليل أدق للعوامل المؤثرة على المرض، خصوصا العوامل البيئية. قامت بمحاكاة أحداث مختلفة وتوقع تأثير التغيرات البيئية، مما أحدث ثورة في فهم العلاقة بين البيئة والصحة.

الميل الوراثي لا يفسر سوى جزءا من زيادة الخطر
لا تزال العوامل المسببة للتصلب المتعدد MS غير معروفة تماما، لكن الأبحاث تشير إلى أنها نتيجة تفاعل معقد بين عوامل وراثية وبيئية متعددة. رغم أن الجينات تلعب دورا رئيسيا في كثير من الأمراض، إلا أن الدراسات لم تستطع حتى الآن توضيح الوراثة الكاملة لمرض MS ، دراسات على الحمض النووي DNA لمرضى التصلب المتعدد MS أظهرت وجود أكثر من 200 متغير جيني مرتبط بالمرض ويمكن أن يزيد من احتمالية الإصابة، لكن هذه المتغيرات وحدها لا تسبب المرض. لذلك، حتى إذا كان لدى الشخص هذه المتغيرات الجينية، فإن العيش في بيئة صحية يقلل من خطر الإصابة. هذه العلاقة بين الجينات والبيئة تبقى موضوعا للنقاش والبحث بهدف فهم أفضل للمرض ووضع استراتيجيات وقائية.
هنا سنتناول مجموعة من العوامل البيئية المؤثرة على مرض MS  حسب أبحاث خوري:
نقص فيتامين   D
اسم فيتامين D غالبا ما يرتبط بالكالسيوم والعظام، لكنه ليس دوره محصورا في امتصاص الكالسيوم وتقوية العظام فقط. بحث سامية خوري عن تأثير فيتامين D على التصلب المتعدد MS  يشكل خطوة مهمة لفهم العلاقة بين التغذية وصحة الجهاز العصبي. بما أن هذا الفيتامين يؤثر على تنظيم الاستجابات المناعية، فإنه يعمل كحاجز ضد الالتهابات والأضرار العصبية في المرض. كما يؤثر فيتامين D على تكاثر وتمايز الخلايا الجذعية العصبية، مما يزيد من إنتاج خلايا "أوليغوديندروسيت" التي تشكل الميالين. أظهرت التجارب أن المرضى الذين يعانون من نقص فيتامين D سجلوا درجات أقل في اختبار8 SDMT، وهو اختبار يقيّم سرعة معالجة الدماغ للمعلومات. أيضا، أظهرت فحوصات الرنين المغناطيسي MRI أن المرضى الذين لديهم مستويات كافية من فيتامين D شهدوا تغييرات ملحوظة في حجم أدمغتهم، خاصة في المخيخ. تشير خوري إلى أن توفير فيتامين D من خلال التعرض لأشعة الشمس أو المكملات، خصوصا في دول الشرق الأوسط مثل لبنان حيث يعاني الناس من نقص هذا الفيتامين، يمكن أن يساعد في تحسين أعراض المرض. لكنها تحذر من الاستخدام العشوائي، لأن فيتامين D يذوب في الدهون وزيادته قد تسبب مشاكل صحية خطيرة، لذا يجب استشار الطبيب قبل تناوله.

التدخين يُشعل نار التصلب المتعدد  MS
التدخين قد يكون إنذارا خطرا للتصلب المتعدد MS ، المدخنون يعانون من وضع أسوأ مقارنة بمن لم يدخنوا أبدا، ويتقدم المرض عندهم بسرعة أكبر. بالإضافة إلى ذلك، يتقلص نسيج الدماغ لديهم بسرعة أكبر، وتتدهور وظائفهم العصبية تدريجيا. التدخين لا يؤثر فقط على شدة المرض، بل يسرّع أيضا من تقدمه ويزيد من مضاعفاته، لذا فإن الإقلاع عن التدخين يُعتبر خطوة مهمة لتحسين صحة هؤلاء المرضى.

من خط الاستواء إلى القطب
أبحاث خوري على 50 ألف مريض أظهرت أن عوامل جغرافية مثل المناخ، التعرض لأشعة الشمس، وحتى العادات الثقافية، يمكن أن تساهم في ظهور التصلب المتعدد (MS) الثانوي التقدمي. الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الشمالية الباردة معرضون أكثر للإصابة بمرض MS بسبب نقص الضوء وفيتامين  D، بينما الذين يقيمون بالقرب من خط الاستواء أقل عرضة للإصابة بهذا المرض. فهم هذه الحقيقة يساعد المجتمع على اتخاذ تدابير وقائية أفضل في الحياة اليومية.

نظرة مجهرية
بحوث سامية خوري حول تأثير فيروس إبشتاين-بار (EBV)9 أظهرت أن الفيروسات قد تلعب دورا في التصلب المتعدد MS ، في إحدى الدراسات، تم مقارنة 249 مريضا بالتصلب المتعدد MS  مع 230 شخصا سليما، وكانت النتائج تُظهر ارتفاع مستويات الأجسام المضادة المرتبطة بـ EBV لدى المرضى. هذه الفحوصات تدعم الفرضية التي تقول إن خلايا B المصابة بالفيروس قد تؤثر سلبا على خلايا الجهاز المناعي عبر جزيئات تُدعى الإكسوزومات. مع ذلك، يجب التأكيد أن الفيروس ليس السبب المباشر للمرض، بل يزيد من احتمالية الإصابة فقط.

من البحث إلى العلاج
السيتوكينات10 هي بروتينات مهمة تنظم الاستجابة المناعية، وأي خلل في وظائفها قد يؤدي إلى أمراض مناعية ذاتية مثل التصلب المتعدد MS ، لذلك، فإن تحقيق توازن في مستويات هذه البروتينات قد يساعد في منع تقدم المرض. خوري تعمل على دراسة سيتوكينات مثل TGF-β  لتحسين حالة المرضى. كما أدت أبحاثها إلى دراسات سريرية باستخدام مستضدات تؤخذ عن طريق الفم. من النتائج الملفتة كانت نجاح تحقيق التحمل الفموي، حيث إذا تم تقديم مستضدات معينة عن طريق الفم، هذه المستضدات يمكنها في النهاية تقليل ردود الفعل المناعية الخاطئة التي تسبب الأمراض المناعية الذاتية، مما يجعل الجهاز المناعي يتعرف عليها كجزء من الجسم ولا يهاجمها، وبالتالي هذه العملية من خلال ايجاد ردود الفعل المناعية المطلوبة في الجسم تقلل أعراض التصلب المتعدد MS و EAE 
في الختام، هذه الأبحاث لها أثر مهم على المجتمع العلمي وعامة الناس، حيث تزيد من الوعي وتدعم جهود مكافحة المرض. سامية خوري، بخبرتها الكبيرة، أصبحت رمزا للأمل والدافع لدى المرضى، وتقف بجانبهم بإخلاص. جهودها أثبتت أن الأمل يمكن أن يكون منارة تنير الظلام في أصعب اللحظات.
 


icon

البروفيسور أحمد فوزي إسماعيل

العلوم الأساسية والهندسية

مولود :

1966

الجنسیة:

كمبوديا

الأعمال:

تطوير تطبيقات تكنولوجيا الأغشية

_

_


icon

البروفيسور مورات أفيسال

علوم وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات

مولود :

1973

الجنسیة:

تركيا

الأعمال:

تكنولوجيا الاتصالات الضوئية اللاسلكية

-

_